بعيدا عن الرياضةتوب سيكريت

محمد عبدالوهاب يكتب:الخطر القادم من امريكا

الخطر الحقيقي الأكبر الذى يواجه امريكا بعد اقتحام انصار ترامب مبنى الكونجرس فى 6يناير الحالى ليس فى انه مجرد محاولة يائسة من ترامب لمنع اعلان فوز منافسه جو بايدن بالرئاسة وانما يكمن في “الترمبية الشعبوية” التي سيتركها ترمب بعد مغادرته البيت الأبيض والتى تحمل أعراض العنصرية العرقية والدينية
توجيه تهمة “التحريض على التمرد” إلى الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترمب وإحالته الى مجلس الشيوخ لمحاكمته وعزله في ثاني محاولة يقوم بها النواب لعزل ترامب ليدخل التاريخ كأول رئيس تجرى محاولة عزله مرتين

البعض شبه اقتحام الكونجرس الامريكى وأحداث السادس من يناير بصدمة هجمات سبتمبر 2001 ففي الحالتين اهتزت امريكا وذهل العالم لفداحة الحدث وفي الحالتين كانت هناك تداعيات واشنطن نظرت إلى الخارج في احداث سبتمبروأعلنت حرباً على الإرهاب ما تزال تداعياتها مستمرة لكنها اليوم تنظر مذهولة إلى عدو الإرهاب الداخلي ولا تبدو موحدة حول كيفية مواجهته
ما جرى في الكونجرس كان خير شاهد على ذلك فعلى الرغم من فداحة جريمة اقتحام مبنى الكابيتول لتنفيذ انقلاب على العملية الديمقراطية بعرقلة اعتماد نتيجة انتخابات الرئاسة فإن الكونجرس بدا منقسماً إزاء كيفية الرد بسبب الحسابات والمصالح الحزبية

قلة من نواب الحزب الجمهوري وقفوا مع الديمقراطيين في التصويت لصالح قرار البدء في إجراءات محاسبة ترامب تبرز حالة الانقسام الحاصل في امريكا والتى بدت وكأنها محاولة لتمييع القضية، ومنع إدانة الرئيس ومحاكمته ليس حباً فيه ولكن دفاعاً عن صورة الحزب كي لا يسجل عليه أنه حزب أول رئيس في تاريخ امريكا يحاكم مرتين أمام لعزله والحقيقة ان تصويت مجلس النواب لصالح قرار توجيه الاتهام لترمب تحصيل حاصل بسبب سيطرة الديمقراطيين على الأغلبية فيه لكن الانقسام والاستقطاب الحزبي الشديد الذي ظهر خلال المناقشات والتصويت يبعث برسالة خاطئة تشجع الشعبويين ولا تردع تيار المتطرفين الذين تحدوا معقل الديمقراطية في امريكا وهزوا صورة مؤسساتها امام العالم

وستبقى المشكلة التي تواجه امريكا لسنوات قادمة التيار الشعبوية المتنامي ومعه ظاهرة اليمين العنصري المتطرف والمعادي لمؤسسة الحكم و ترمب لم يخترع هذا التيار بل ركب موجته وساهم في تأجيجه لحساباته السياسية. صحيح أن بعض أفكار هذا التيار ربما صادفت هوى في نفسه، لكنه عمد لتوظيفه لخدمة مصالحه السياسية وحساباته الانتخابية
هناك من يرى أن الأحداث الأخيرة مؤشر على أن أميركا تتآكل من الداخل، وأنها في طريق الانهيار وربما حرب أهلية، وهو رأي لا أتفق معه وأرى فيه شيئاً من المبالغة. فمشاكل أميركا موجودة في ديمقراطيات أخرى، وظني أن الديمقراطيات العريقة تبقى قادرة على تصحيح المسار إذا صلح حال الطبقة السياسية.
العالم يحتاج أميركا سواء أحببنا أم كرهنا. لكنه يحتاج أميركا راشدة لا أميركا متهورة، أميركا ديمقراطية تحكمها مؤسسات راسخة تحتكم إلى الدستور وصناديق الانتخابات، ولا تتحكم فيها الأصوات الغوغائية والشعارات الشعبوية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى