بعيدا عن الرياضة

محمد عبدالوهاب يكتب:العالم ينتظر رئيسه وامريكا بين رئيسين

محمد عبدالوهاب يكتب:العالم ينتظر رئيسه وامريكا بين رئيسين
ماحدث من اقتحام انصار ترامب لمبنى قدس الاقداس لدى الامريكان الكونجرس حدث تاريخى سيطر على العالم ومن بينهم العرب التى وضحت فى تعليقالت العرب وشماتة الكثيرين فى العم سام وتزوقه من مرارة ما عايشته الشعوب العربية مع ما يسمى بثورات الربيع العربى التى جلبت لتلك البلاد الخراب والارهاب الذى تعانى معظم دول العرب منه ومن ويلاته حقيقة ان النظام السياسي الامريكى بالغ التعقيد والدقة رغم ان الكمال لله وحده الا ان انتقال السلطة في الولايات المتحدة محكوم بقواعد ثابتة يحميها الدستور وتراقبه السلطات المتعددة داخلها، وهي ليست بأي مقياس جمهورية موازٍ يتم التلاعب بها من قبل هذا الطرف أو ذاك، ولذلك فسيكون انتقال السلطة فيها حتميا مهما تصارع الطرفين مثلما كان دائماً.


الانقسام التاريخي الذي تشهده امريكا منذ سنوات يثير شكوكا متصاعدة عن إمكانية حدوث ما يعكر صفو الأمن هناك، إن لأسباب داخلية أو خارجية، وفي كلتا الحالتين فسيظل الأمر مثيراً وجديراً بالمتابعة.
مرحلة الرئيس المنتهى ولايته دونالد ترمب بحاجة لإعادة نظرٍ وتأملٍ وهي ستبقى مرحلة للدراسات والبحوث القادرة على الغوص وشمول كل أبعادها. فهو في أربع سنوات تمثل ولاية واحدة استطاع تحقيق إنجازات داخلية وخارجية لم يكن ممكنا لغيره تحقيقها. وهو وإن هاجمه الإعلام وعاداه اليسار وأقر بقسوة تعاملاته الكثير، فإنه استطاع التقليل بشكل ظاهرٍ من الانحراف الذي قاده سلفه باراك اوباما في سياسات وتوجهات امريكا.
أوباما كان رئيساً مهماً لامريكا، وقد أراد عن وعي تغيير وجه امريكا في العالم إلى الأبد، فترك حلفاءها ودعم أعداءها وأراد تغيير جلدها وهويتها ومكانتها في العالم، وكان من منطق التاريخ وطبيعة الأشياء أن تأتي امريكا برئيس قوي يواجه تلك الانحرافات فكان الرئيس ترمب.
يمكن هنا استعراض شيء قليل من إنجازات الرئيس ترمب، التي يقف على رأسها استعادة مكانة امريكا وقوتها وصورتها حول العالم مع إصلاح ما أمكن إصلاحه.
من منجزات ترمب في منطقة الشرق الأوسط أنه عمل ضمن خطة استراتيجية واضحة سعت لمواجهة خصوم واشنطن وإعادة ترتيب الأوراق، فهو فرض عقوباتٍ قاسية ضد النظام الإيراني الذي يمثل الداعم الأكبر للإرهاب في العالم، وقد ظهرت آثارها على هذا النظام ضعفاً وتفككاً وخسائر لا تعد ولا تحصى، وقد أصبحت الاختراقات الأمنية وتنفيذ الاغتيالات داخل إيران حديث العالم وحديث الإيرانيين أنفسهم الذين بدأوا بإظهار الغضب من الضعف الطارئ على هذه الأجهزة التي يفترض بها حماية النظام، كما أن ترمب نجح في خلق مسارٍ للسلام بين إسرائيل والدول العربية بدأ بالإمارات والبحرين وامتد للسودان والمغرب، بمعنى أن ترمب صنع تاريخياً جديداً في منطقة شديدة الاضطراب في العالم، ومسار السلام مسار سيواصل فيه من دون شك الرئيس المنتخب جو بايدن، فهو نجاح لامريكا كدولة، وليس نجاحاً لفرد معين أو لحزب لوحده.
طوى الرئيس ترمب المراحل وسعى لتصفير العديد من المشكلات الكبرى، ودعم حرب التحالف العربي في اليمن، وأقنع بعض الأطراف في التخلي عن دعم الحوثيين، كما رفع السودان الجديد من قائمة الإرهاب، واعترف بالصحراء المغربية خالصة للمملكة المغربية، وقد سبقه لهذا عدد من الدول العربية، وكذلك فقد قضى على قوة تنظيم داعش في العراق وسوريا، وفكك التنظيم وقام بتصفية زعيمه أبو بكر البغدادي، كما قام بتصفية أكثر رجال الشرق الأوسط شراً وهو الإيراني قاسم سليماني، وسيبقى التاريخ شاهداً وحاكماً على الجميع
صحيح انه منح اسرائيل ما لم تحصل عليه من قبل على حساب الحقوق العربية وهو محور مقال تالى لكنه لم يكن بالعداء الذى ظهر من سلفه اوباما ولااعتقد انه سيكون نفس نهج بايدن الرئيس المرتقب.
التقليل من الحضارة والثقافة الامريكية مرفوض فهي قائدة العالم في شتى العلوم والمعارف، ولكن نقدها ونقد بعض التصرفات السياسية فيها أمر مشاع، وبخاصة الجدل الذي لم يتوقف حول تزوير الانتخابات من عدمه، والمثير فعلاً هو خروج صنفين من العرب بعضهم داعم بحماسة لليمين الامريكى، وبعضهم داعم بالحماسة نفسها لليسار مع أن الاعتدال سهل والروية ممكنة والتحليل مفتوح.
الواقع البسيط يقول إن العرب لم ينتصروا ولم ينهزموا في الانتخابات الامريكية فهي في النهاية شأن يخص الامريكيين مواطنين وأحزاباً وتياراتٍ، ولكن هذا لا يعني أن عقلاء كل دولة يعرفون الأقرب لهم داخل الفرقاء المتصارعين داخل أقوى دولة في التاريخ ويعرفون مصالح دولهم، ويحرصون على مستقبلها ومستقبل شعوبها في خضم حراك التاريخ وطبيعية تقلبات المصالح.
اليسار غريم تقليدي لدول الخليج العربي يسميها رجعية ويتعامل معها على هذا الأساس. واليسار المعادي لم يعد يأتي من البلدان الشيوعية التقليدية القديمة بل اوجد لها حضور قوي في بلاد الغرب واكمريكا تحديداً، ولئن كان التغلغل الاشتراكي قديم في فرنسا وربما بريطانيا، فقد استطاع أن يجد له مكاناً كبيراً في امريكا وسياساتها حول العالم.
الذين يقلدون الآخرين لا يستطيعون التمييز بين عدوٍ وصديقٍ لأنهم محكومون برؤية وتوجه ومصالح من يقلدونها، ومن هنا ينتقد البعض الرئيس ترمب أنه لم يقض على خطر النظام الإيراني، ويتناسون أن من قام بتقوية هذا النظام الإرهابي وسلمه المليارات ووقع مع الاتفاقات ليس ترمب بل اواما.
انتقد اليسار الامريكى الرئيس ترمب لتصفيته قاسم سليماني وكرر بعض العرب هذا النقد من دون تفكير في الفروق الجوهرية بين العرب وبين رفقائهم في واشنطن، وبهذا تكرر النقد ذاته وكأن سليماني كان حمامة سلامٍ والبغدادي كان غصن زيتون.
ينتقد اليسار الامريكى صفقات السلاح التي تصنع الفرق في المنطقة في مواجهة الخطر الإيراني وبالذات مع السعودية والإمارات، ويتبعهم بعض العرب لتعاطفهم القديم مع اليسار وعدائهم المستمر للسعودية ودول الخليج ويتبعهم بعض الخليجيين للأسف.
اختراع تطعيم فيروس كورونا القاتل يحسب إدارة وتخطيطاً ونجاحاً بالكامل لإدارة ترمب وذلك بإقرار الرئيس المنتخب بايدن، والمفارقة هي أن هذا الفيروس ومواجهته كانت إحدى الأسلحة التي استخدمت ضد ترمب.
سيظل العالم يراقب امريكا وما يجري فيها من صراعات سياسية لأنها ذات تأثير كبير على العالم وبخاصة على حلفائها، ولا يمكن لعاقل تجاهل ما يجري هناك ودلالات هذه الصراعات السياسية وتأثيراتها على دول العالم، ومن هنا فلا توجد انتخابات في العالم يراقبها الجميع مثل الانتخابات الامريكية خاصة الرئاسية التى تاتى برئيس ليس لامريكا بل للعالم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى