بعيدا عن الرياضةتوب سيكريت

محمد عبدالوهاب يكتب:اتفاق الصين وايران وسياسة واشنطن تجاه مصر والسعودية

تواجه إيران انتقادات الداخلية والخارجية بعد  توقيعها الاتفاقية الثنائية مع الصين الشهر الماضى بالتقليل من خطورة الامر وابعاده  وتدعى طهران إنها مجرد اتفاق ثنائي  لكن هذا بعيداً عن الحقيقة وواقع الامور  كل بترول إيران وغازها وموانئها وقطاراتها ومشاريعها وأسواقها وطرقها ومقدراتها  ذهبت إلى الصين ولربع قرن التي تعهدت بدورها بالتمويل والسلاح والدعم السياسي لطهران

هذا الاتفاق الثنائي الاستراتيجي سيضطر الدول الغربية إلى إعادة النظر في رؤيتها لمنطقة الخليج كلها وفق مصالحها التي أصبحت مهددة أكثر من ذي قبل

هل خسرت واشنطن إيران؟ ونحن جميعا نعلم طبيعة العلاقة بين طهران وواشنطن والتى لاتصل الى العداء وان كانت الدولتين تصدران هذه الصورة الحقيقة أن امريكا لم تملك ايران بعد  حتى تفقدها بخلاف ما يردد البعض من المحللين إنها مثل حالة طلاق بين زوجين مضى عليه أربعون عاماً الذي حدث أن إيران لم تؤسس علاقة وطيدة مع قوة أخرى كل هذه السنين إلى الأسبوع الماضي عندما وقعت اتفاقها الطموح مع الصين الذي من المبكر الآن الحكم على إمكانية نجاحه

***

وليست الإدارة الامريكية او حكام البيت الابيض عبر تاريخهم منذ ازمة اقتحام السفارة الامريكية فى طهران فى سبعينيات القرن الماضى وقتل سفيرها وافراد البعثة ومواطنين امريكيين بالسفارة من أضاعها إيران هي من حسمت الأمر وأدارت ظهرها لواشنطن وفي الجدل الدائر في واشنطن خسرت المدرسة التي كانت تميل إلى التصالح مع النظام الإيراني وتفعيل الاتفاق الشامل ومن الطبيعي ألا تتفقا؛ نظام ديني متطرف مع نظام رأسمالي ليبرالي إضافة إلى ذلك إيران مثل فيتنام نظام حرب خاسرة

فى كل الاحوال حال إيران أبحرت باتجاه الشرق وعلى الولايات المتحدة أن تقلل خسائرها في المنطقة ليس بسبب الصين فقط بل أيضاً بسبب سياستها الخشنة ضد حلفائها الأساسيين

امريكا تعاني من مشكلة كبيرة في منطقتنا هي انعدام الثقة بها جعلت حلفاءها الإقليميين خصوماً لها فهي منذ أن أنهت وجودها العسكري الكبير في العراق تعبر عن رغبتها في الانكماش التدريجي من المنطقة بدواعي تراجع مصالحها فيها مع بروزها كدولة مكتفية من البترول داخلياً ومصدرة له لكن في الوقت نفسه تريد وقف تمدد خصمها الصيني في آسيا وأفريقيا تنظر واشنطن إلى بكين على أنها مصدر التهديد الرئيسي لها تواجهها في جنوب وشرق آسيا

***

لكن واشنطن تفقد حلفاء مهمين نتيجة سياساتها معهم مثل السعودية وتركيا ومصر وبإصرارها على التدخل في شؤونهم الداخلية باسم القيم الأميركية عدا أن امريكا لم تعد سوقاً مهمة لدول النفط مثل السعودية حلت محلها السوق الصينية السعودية هي مصدر البترول الأكبر للصين ومن المتوقع أن تكبر حصتها في السوق الصينية مع تزايد واردات الصين البترولية إلى أكثر من 16 مليون برميل قبل نهاية هذا العقد

مع أنه ليس من المتوقع أن تتجه الرياض وشريكاتها الخليجية إلى حضن الصين كما فعلت طهران إلا أن المصالح التجارية ستمنح السعودية حرية أكبر بعيداً عن التأثير الأميركي وقد عرض وزير خارجية الصين الأسبوع الماضي مبادرة صممت لمراعاة احتياجات دول الخليج المبادرة هدفها كسب إيران وطمأنة السعودية تضمن الصين بموجبه سلاماً في منطقة الخليج بين الجانبين

و تعاني الولايات المتحدة من أزمة في إدارة علاقاتها مع حلفائها الإقليميين وتخسر ما بنته في عقود من علاقات مميزة بتدخلاتها في شؤونهم الداخلية

وهذا لا يعني أن المشروع الصيني سيسير على طريق من الحرير السيطرة على سلوك إيران العدواني إقليمياً لن يكون سهلاً على الأقل ليس في السنوات الأولى من العلاقة فطبيعة نظام المرشد الأعلى الديني العسكري لن يتوقف عن خوض النزاعات في دول الجوار ولن تعدل سلوكه داخلياً الوعود الهائلة من مداخيل مبيعات الغاز والبترول  والتجارة في السوق الصينية بحيث يلتفت إلى تحسين وتطوير الأوضاع الداخلية لهذا أتوقع أن تستمر ديناميكية الصراع بين الأقطاب في الداخل

في اتفاقية بكين وطهران علاقة بين شريكين خصمين آيديولوجياً لكنها علاقة المضطر كمحاصرين أميركياً الحزب الصيني الشيوعي الحاكم دنيوي براغماتي لم يعد يرغب في تصدير آيديولوجيته للعالم بخلاف إيران نظام ديني آخروي يريد فرض معتقداته ومحاربة العالم وأهداف الصين من العلاقة في مبادرة الحزام والطريق واضحة هي الموارد والأسواق لهذا ستضطر الصين لفعل الكثير لإسناد النظام الإيراني في مواجهة العالم حتى تحافظ عليه ومهما بدا عنيفاً ومتماسكاً يعاني كثيراً من تشققات في مؤسسات الحكم

***

لكن يبقى السؤال كيف تتحرك الادارة الامريكية برئاسة جو بايدن خاصة مع اعلانها عن تغيير فى سياستها عن تلك التى اتبعها الرئيس السابق ترامب هل تترك اهم مناطق النفوذ الامريكى بالعالم للمنافس القوى والقادم بسرعة الصاروخ وهو المارد الصينى الذى بات يزاحم واشنطن على قيادة العالم وهل تغير ادارة بايدن من سياساتها تجاه ايران وتعود الى اشبه بالعداء

ويبقى السؤال ماذا ستفعل واشنطن للحفاظ على التوازن فى علاقاتها مع الحلفاء الاساسيين بالشرق الاوسط وفى مقدمتهم مصر والسعودية سؤال ستكشف عنه الايام القادمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
advanced-floating-content-close-btn
(spksdk = window.spksdk || []).push({ widget_id: "wi-4555", element: "sp-wi-4555" });
advanced-floating-content-close-btn (adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
advanced-floating-content-close-btn

error: Content is protected !!