
في عالم كرة القدم، تبدو قصص العودة إلى الديار هي الأكثر جاذبية ورومانسية للجماهير والصحافة على حد سواء.
الحديث المتزايد مؤخراً عن احتمالية عودة النجم الفرنسي كريم بنزيما إلى ناديه الأم ليون، وترك قلعة النمور في جدة، يبدو للوهلة الأولى سيناريو عاطفياً مثالياً لختام مسيرة أسطورية.
لكن، بعيداً عن العواطف وأحلام اليقظة الفرنسية، يقف الواقع الاقتصادي والمنطقي كحائط صد منيع يحمي الاتحاد من خروج بنزيما.
قد ينتهي عقد بنزيما مع الاتحاد بنهاية الموسم الجاري، وقد تكون هناك مخاوف جماهيرية من رحيل الحكومة، ولكن عند تفنيد الحقائق بالأرقام واللوائح، نجد أن هناك 3 حواجز فولاذية تجعل عودة بنزيما إلى ليون ضرباً من الخيال المستحيل، وهي كالتالي:
1. الفجوة الفلكية في الرواتب: التنازل عن العرش
لغة الأرقام لا تكذب ولا تتجمل. يتقاضى كريم بنزيما حالياً في المملكة العربية السعودية راتباً سنوياً يلامس سقف الـ 100 مليون يورو. في المقابل، تشير التقارير المتداولة عن عرض ليون المحتمل إلى راتب لا يتجاوز 5 ملايين يورو. نحن هنا لا نتحدث عن تخفيض بسيط في الراتب، بل نتحدث عن فجوة تصل إلى 20 ضعفاً.
منطقياً، لا يوجد لاعب كرة قدم محترف في العالم، مهما كانت درجة ولائه لناديه القديم، يقبل بتبخير 95% من دخله السنوي بقرار طوعي. حتى لو كان عقد بنزيما يلفظ أنفاسه الأخيرة مع الاتحاد، فإن مجرد وجود فرصة ولو بنسبة 1% لتجديد العقد بنفس المزايا أو قريباً منها، أو حتى الانتقال لتجربة أخرى، ستكون أولويات تفوق بمراحل العودة إلى فرنسا بهذا الراتب الهزيل. الرومانسية موجودة في الأفلام، لكن في حسابات البنوك وإدارة أعمال اللاعبين، هذا الفارق المالي يعد انتحاراً اقتصادياً لا يقبله عقل.
2. مقصلة الرقابة المالية الفرنسية
حتى لو افترضنا جدلاً أن إدارة ليون تملك النية لدفع راتب أعلى لإغراء بنزيما، فإنها مكبلة تماماً بقوانين صارمة لا تعرف الرحمة. الدوري الفرنسي يخضع لرقابة حديدية من الهيئة الوطنية للرقابة الإدارية، وهي الجهة التي تراقب حسابات الأندية بالمليم.
هذه القوانين تجعل من المستحيل على نادٍ مثل ليون أن يتلاعب في سقف الرواتب أو يقدم أموالاً من خارج الميزانية المعلنة. الهيئة الفرنسية ليست متساهلة، وأي محاولة لتضخيم فاتورة الأجور دون غطاء مالي حقيقي ستعرض النادي لعقوبات قد تصل إلى الهبوط للدرجات الأدنى. بالتالي، الطريق مغلق قانونياً أمام أي مغامرة مالية قد يفكر فيها النادي لاستعادة نجمه السابق.
3. عجز الميزانية.. ليون يغرق ولا يسبح
النقطة الثالثة والأهم هي الواقع المالي المزري لنادي ليون حالياً. النادي الفرنسي لا يعيش رفاهية التوقيع مع نجوم الصف الأول، بل يعاني من عجز هيكلي في ميزانيته يجعله غير قادر على الوفاء بالتزاماته الحالية، ناهيك عن إضافة عبء مالي جديد.
ميزانية ليون تعجز حالياً عن تغطية حتى نصف راتب بنزيما الحالي أو المفترض. النادي في وضع يدفعه لبيع مواهبه الشابة لسد العجز، وليس لشراء نجوم برواتب مليونية. الحديث عن تمويل صفقة بحجم بنزيما في ظل هذه الضائقة المالية هو تجاهل تام لواقع النادي الذي يصارع من أجل الاستقرار المالي وليس من أجل الصفقات الاستعراضية.






